الأحد، 15 سبتمبر 2013

تأملات في طرح التكفيريين ورؤاهم الدعوية

تأملات في طرح التكفيريين ورؤاهم الدعوية

كنت في طريقي من وسط الخرطوم إلى منطقة الكلاكلة لزيارة بعض أقاربي، وعقب تجاوزي لقيادة مدرعات الشجرة، لفت إنتباهي وجود مسجدان متجاوران تماماً وهو أمر نادر الحدوث إن لم يكن منعدماً، المسجد الأول القديم يتبع لجماعة أنصار السنة ويؤم المصلون فيه _ حسب ماذكر لي _ الدكتور مزمل فقيري وقد جرى توسعة المسجد وصيانته مما يجعله يسع أكبر عدد من المصلين، شماله مباشرة يقف تؤمه الجديد، سألت مسجد من هذا ؟؟ فقيل لي : إنه مسجد الشيخ أبوعبدالله صادق بن عبدالله،وأنا في حيرتي من وجود مسجدين في موقع واحد تنعدم فيه الكثافة السكانية، وإذ بطلائع طلاب ومريدي الشيخ أبوعبدالله صادق يبدأون في الوصول، ماشاء الله ، جلهم في طور الشباب الباكر مظاهر النعمة بادية عليهم وجوالات الآيفون لاتفارق أيديهم وشعر رأسهم الشديد السواد ينسدلُ إلى أكتافهم، أوسعت لهم الطريق حتى يمروا ولم ألبث إلا دقائق حتى توقفت حافلة قادمة من (جامعة أفريقيا العالمية) مليئة بمريدين آخرين ولكن بسحنات مختلفة،ملابس فاقعة ذات ألوان صارخة وشعرٌ رؤوسهم يُذكرك ببيت عنتر بن شداد عندما صور أمه شعراً فقال :
الساق منها كساقُ نعامة *** والشعرُ منها كحب الفلفل
 
(2)
نحن الآن في مسجد الشيخ ابوعبدالله صادق بن عبدالله وهو سوداني نشأ في السعودية ودرس الكيماء في إحدي جامعاتها ونال إجازة في علم الحديث وتتلمذ على يد الشيخ سليمان ناصر العلوان أحد أشد مناصري القاعدة في بلاد الحرمين الشيخ أحد دعاة السلفية الجهادية في السودان،وشيخ في علم الحديث وله موقع إليكتروني بأسم (موقع الحكمة والأثر) يحتوى الموقع على محاضرات الشيخ ودروسه وفتاواه ومن أطرف مارأيت قبل الإزالة إجابة الشيخ لسؤال جاء هكذا (هل يجوز للرجل أن يرضع من ثدي زوجته أثناء الجماع؟؟) الجواب : نعم يجوز للرجل ذلك لأنه مالك لبن الزوجة ولكن بشرط أن لايتأذى المولود بذلك، _ وقد تم إزالة هذا السؤال وجوابه من الموقع _ والموقع الشخصي للشيخ تغيب عنه القضايا التي تشغل بال المجتمع السوداني فهو لايتحدث عن الغلاء ولاعن الفساد الحكومي ولا عن مشكلة دار فور وصرعات النيل الأزرق وجبال النوبة فهو في برجه العاجي منعزلٌ تماماً عما يشغل رجل الشارع ولايبحث له عن حلول لقضاياه التي تهمه.
(3)
الشيخ يكفّر الحكومة والأحزاب الموالية لها فضلاً عن العلمانين ومن لف لفهم من أهل اليسار ويمتد التكفير ليشمل قادة الطرق الصوفية وأتباعهم وله موقف ضد التصوير الفتوغرافي أو الرسم ويعتبر ذلك شركاً بالله سواء كان ذلك الرسم لكائن حي أو جماد ويشمل رفضه حتى الصور التشخيصية للمرضى التي يطلبها الطبيب لمعرفة وتحديد إصابة المريض،ويعتبر الشيخ تلقي التعليم من مؤسسات وزارة التربية السودانية كفراً بالله وخروجاً عن ملة الإسلام وهو في ذلك قد فاق وتجاوز موقف طالبان التي غاية ماطرحته هو منع تعليم البنات.
(4)
تتميز أبحاث وكتابات الشيخ بالشكل الجيّد والصورة الزاهية والورق اللامع والأغلفة ذات التصميم الراقي، مايدل على مقدرات الشيخ المالية ،ولكن من ناحية المضمون والمحتوى فإن أبحاث وكتب الشيخ ضحلة الفكرة سطحية الطرح هزيلة من ناحية الإبداع الكتابي والمعرفي، فالكتب والأبحاث تتناول قضايا سبق أن طُرحت وبحثت فتجدها تقوم بإعادة دراسة القضية ولكن بطريقة أضعف من سابقيها، ممايجعل المرء يتسأل ماهي الفائدة من إعادة دراسة قضية إذا كنت لاتستطيع أن تضيف جديداً لها ؟؟
(5)
وأنا أهم بالخروج من المسجد أزدحمت الأسئلة في رأسي، ماهي الحاجة لبناء مسجدان متجاوران ؟؟ أليس الأفضل أن يكون هذا المبنى مركزاً صحياً لعلاج أطفال حي مايو ؟؟ وهل الأولوية في العمل الإسلامي هو أن نأصل للشباب السوداني في مسألة إطالة الشعر للرجال ؟؟ في بلد النساء يشتكين من تقصف الشعر والصلعة ؟؟ وما الذي سيجنيه طالب العلم من كتب سطحية وفقيرة وخالية من اي إبداع معرفي؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق